تُعدّ فنون "الحلقة" في ساحة جامع الفنا بمراكش شاهدًا حيًا على التراث الثقافي الغني للمغرب، الذي يجمع بين القصص الشعبية، والموسيقى، والرقص، والمسرح التقليدي. هذا الفن، الذي يمتد تاريخه إلى القرن الحادي عشر، كان وسيظل رمزًا للذاكرة الجماعية المغربية، حيث يعكس قيم المجتمع وعاداته وأساطيره عبر أجيال.
فن الحلقة ليس مجرد عرض ترفيهي؛ بل هو وسيلة لنقل المعرفة والتاريخ الشفوي من خلال الحكواتي، الذي يعتبر صانعًا للقصص وحكيها بطريقة مبدعة وجذابة. الحكواتي محمد المسيح، الذي رحل مؤخرًا، كان واحدًا من أعظم الأسماء التي خلدت هذا الفن بأسلوبه المميز وقدرته على استقطاب الجمهور بمختلف أعمارهم وخلفياتهم الثقافية. وجوده في الساحة كان دائمًا محطة لا يمكن تفويتها، حيث كان يقدم قصصًا متنوعة تجمع بين الواقع والخيال، مما يجعل المستمعين في حالة من الإثارة والتشويق.
![]() |
صورة من جامع الفنا في مراكش |
تعريف ومظاهر فن الحلقة:
التعريف:
المحتوى:
المواقع الشهيرة:
دور الحكواتي في مواكبة الزمن:
على مر القرون، نجح فنانو الحلقة في تحديث مضمون عروضهم بما يتماشى مع احتياجات واهتمامات جمهورهم، دون أن يفقدوا الروح الأصلية لهذا الفن. فهم يستخدمون قضايا المجتمع المعاصر مثل التعليم، الصحة، البيئة، أو حتى قضايا سياسية واجتماعية، مما يجعل القصص أكثر قربًا من حياة الناس اليومية.
يجب على الحكواتي (الحلايقي) أن يتمتع بالجرأة والثبات، وأن يعرف كيف يجذب الجمهور ويحافظ على انتباههم.
كما يتقن الحكواتي عدة فنون مثل الشعر، المسرح، الكوميديا، والحكايات و يستخدم الخيال لتكيف القصص مع الثقافة المحلية، مما يجعله "حامل لمعرفة مجتمعية" و"خبيراً بجمهوره".
أهمية الحفاظ على هذا الفن:
من الضروري العمل على حماية وتعزيز هذا التراث الثقافي، خاصة في ظل تصنيف ساحة جامع الفنا كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو. يجب دعم الفنانين الشباب الذين يرغبون في تعلم فن الحكواتية والمشاركة في نقل هذه التجربة للأجيال القادمة. كما يمكن تنظيم ورش عمل وفعاليات ثقافية لإحياء هذا الفن وإبرازه أمام الجمهور المحلي والدولي.
أسباب التراجع الحالي لفن الحلقة:
على الرغم من أهميته التاريخية والثقافية، يواجه فن الحلقة اليوم تحديات كبيرة بسبب المنافسة مع العروض المسرحية الحديثة والإعلام الرقمي، مما أدى إلى تقليل عدد المحترفين الذين يمارسون هذا الفن. كما أن الجيل الجديد أصبح أقل اهتمامًا بالفنون التقليدية مقارنةً بالمحتوى الإلكتروني والمنصات الحديثة.
ختامًا، رحيل محمد المسيح يذكرنا بأهمية الاحتفاظ بهذا الفن الحيوي الذي يمثل جزءًا أساسيًا من الهوية المغربية. إن استمرار هذا التراث يعتمد على جهود الجميع، سواء كانت حكومية أو مجتمعية، لضمان استمرارية هذا الفن ونقله للأجيال القادمة.